ملخص كتاب IKIGAI والسر اليابانيّ للحياة الطويلة السعيدة

محتويات كتاب IKIGAI

يتكون الكتاب من تسعة فصول وفقرة تعريفيّة وخلاصة. تبدأ بالتعريف بمعنى الكلمة ومصدر فكرة الكتاب، وتنتهي بتلخيص لأغلب ما ذكر في الكتاب ضمن عشر نقاط مختصرة سهلة التذكر، للعودة إليها في وقت لاحق إن شئت.

  • الفقرة التعريفية: ايكيغاي – كلمة غريبة
  • إيكيغاي: فن البقاء شاباً أثناء التقدم في العمر
  • أسرار مكافحة الشيخوخة: أشياء صغيرة تجتمع لتعطي حياة طويلة سعيدة
  • من العلاج بالمعنى إلى الإيكيغاي: كيف تعيش بشكل أفضل ولفترة أطول من خلال العثور على هدفك 
  • العثور على التدفق في كل شيء تفعله: كيف تحول العمل وأوقات الفراغ إلى مصادر للنمو
  • أسياد العيش الطويل: كلمات حكيمة من أطول الناس أعماراً في العالم
  • دروس من معمّري اليابان: أمثال وتقاليد للسعادة والعيش المديد
  • حمية الإيكيغاي: ما يأكله ويشربه أطول الناس أعماراً في العالم
  • حركات لطيفة، حياة أطول: تمارين من الشرق لحياة أطول وصحة أفضل
  • الصلابة والوابي-سابي: كيف تواجه مصاعب الحياة دون أن تشيخ بسبب الضغط النفسيّ والقلق
  • الخاتمة: الإيكيغاي – فن العيش 

الفقرة التعريفية: ايكيغاي – كلمة غريبة

في هذه الفقرة يشرح كاتبا الكتاب (شخصين أجل) كيف خطرت لهما فكرة كتابة الكتاب، لإيصال فكرة الإيكيغاي للقارئ الغربي المهتم بالثقافة الشرقية، ويتحدثان عن تفاجئهما بأن أحداً لم يسبقهما للحديث عن هذا من قبل، على الرغم من أهميته، يشرح الكاتبان أيضاً معنى كلمة الإيكيغاي، والتي تعني “هدف الحياة” والتي سيتمحور حولها باقي الكتاب، ودورها في عيش عمر مديد وحياة سعيدة.

إيكيغاي: فن البقاء شاباً أثناء التقدم في العمر

يتناول هذا الفصل معلومات خفيفة تعد المقدمة للمحتوى الفعلي في هذا الكتاب، ويمهد فيه الكاتبين للمزيد من التوسع في الفصول القادمة على نفس الأفكار من ناحية طبية ونفسية، بداية من معنى كلمة الإيكيغاي، أهمية العمل، المناطق الزرقاء التي يعيش فيها الناس لأطول مدة على سطح الأرض، قاعدة الثمانين في المئة عند تناول الطعام، والمواي – مجموعة الأصدقاء وأهميتها في الثقافة اليابانية.

“الهدف من الحياة” هو السبب الرئيسيّ الذي يجعل الكثير من معمّري العالم يعيشون للعمر الذي هم فيه الآن، والمناطق الزرقاء في العالم هي المناطق التي يتواجد فيها أكبر عدد من المعمرين، وتمتلك أعلى متوسط متوقع للحياة في العالم. إحدى هذه المناطق هي أوكيناوا اليابانية، والتي سيركز الكتاب عليها في فصول قادمة كثيراً وسيجري الكاتبين فيها بعض المقابلات مع السكان المعمّرين، وكيف ترتبط ثقافة أهل هذه المدينة بالعمل المستمر دون “تقاعد” واتباع حمية الثمانين في المئة أثناء تناول الطعام، وأهمية المواي (مصطلح يعبر عن المجموعة من الأصدقاء المقربين) في حياة سكان هذه المدينة وتأثيره على أعمارهم الطويلة.

أسرار مكافحة الشيخوخة: أشياء صغيرة تجتمع لتعطي حياة طويلة سعيدة

يبدأ الفصل بالحديث عن نظرية الخلود، التي تقتضي بأن الخلود ممكن فقط وفقط إذا استطاع الانسان تمديد فترة حياته المتوقعة سنة كاملة خلال السنة. في السنوات الأخيرة وباستخدام التقنيات الحديثة، ارتفع العمر المتوقع الوسطيّ للإنسان بنسبة 0.3 سنة كل سنة، وعلى الرغم من هذا التقدم لا يزال الطريق طويل جداً نحو “الخلود التقنيّ”. وفي بقية الفصل، يتابعان الحديث عن مشاكل العصر الحديث التي تؤثر على معدل طول الحياة، وصحة الإنسان، وكيف يمكن تخطي هذه المشاكل دون التخلي عن نمط الحياة الحديث بالكامل.

ينتقل الكاتبان بعد ذلك للحديث على تأثير العقل على الجسد من ناحية الشيخوخة، ويصفان أهمية الاعتناء بالجسد والعقل في الوقت ذاته والحاجة لإبقاء العقل والجسد، كلاهما، في حالة نشاط دائم وتدريب مستمر أثناء التقدم في العمر، لمكافحة الشيخوخة. فالاهتمام بصحة الجسد وحده لا يكفي، والاهتمام بصحة العقل وحده لا يكفي.

بعد هذا يمر الكتاب على موضوع القلق والضغط النفسيّ، أحد أشهر معالم القرون الأخيرة. ويتوسع في آلية عمل نظام القلق في العقل البشريّ، وأهمية الانتباه لهذا النظام باستمرار ومحاولة السيطرة عليه في المواقف التي لا تحتاج القلق. يصف الكاتبان أيضاً الطريقة الصحيحة لاستغلال هذا النظام من خلال “القلق من القلق المفيد” الذي يبقي الجسد في حالة تأهب في الوقت الصحيح.

بعد القلق والضغط النفسي يتحدث الكاتبان عن تأثير الجلوس، واحدة من العادات الجديدة التي اكتسبها الانسان مقارنة بالحركة التي استمرت لقرون طويلة من قبل، وكيف أن الحركة مهمة لبقاء الجسد في حالة صحية جيدة. في فصول لاحقة من الكتاب سيعود الكاتبان لهذه الفكرة بتفصيل أكبر من نظرة يابانية، ويقدمان بعض النصائح لتغيير العادات السيئة المتعلقة بالجلوس.

يشارك بعدها الكاتبان واحداً من أسرار عارضات الأزياء وملكات الجمال في المحافظة على صحة الجسد، النوم لفترة كافية كل يوم للحفاظ على معدل ميلاتونين صحيّ لأداء وظائف الجسد بأفضل طريقة، وكيف يمكننا تعويض نقص هذا الهرمون في مراحل متقدمة في العمر أثناء تناقص انتاجه بشكل طبيعيّ في الجسد. بالمختصر، السر لهذا هو الحصول على ما يكفي من النوم والكالسيوم في الطعام وأشعة الشمس، والابتعاد عن الكحول والمنبهات والكافيين.

عدى عن هذا، السلوك المقاوم للشيخوخة نال جزءاً من الحديث في هذا الفصل، وشرح الكتاب عن أهمية ابقاء نشاط العقل من خلال التمارين الدورية، وأهمية النظرة الإيجيابية للحياة والوعي والاستقرار العاطفيّ. القدرة على تخطي الفترات العصيبة بصلابة نفسية أمر مهم جداً أيضاً في حياة المعمّرين حول العالم، إذ مواجهة الصعاب بهدوء وحكمة دون قلق وضغط نفسيّ.

ينتهي الفصل بقصيدة على لسان امرأة يابانيّة بلغت من العمر ما يزيد عن المئة عام، تلخص هذه النصائح بشكل سريع:

للبقاء أصحاء ولنعيش حياة طويلة،
كل القليل من كل شيء واستمتع بطعمه،
اذهب للنوم باكراً، استيقظ باكراً، وبعدها اذهب للمشي.
نعيش كل يوم بهدوء ونستمتع بالرحلة.
للبقاء أصحاء ولنعيش حياة طويلة،
نتفق مع أصدقائنا.
الربيع، الصيف، الخريف، الشتاء،
نستمتع بكل الفصول بسعادة.
السر بأن لا يشتت هرم أصابعك انتباهك؛
من الأصابع للرأس، وعد مجدداً.
اذا تابعت الحركة وأشغلت أصابعك، سيأتي لك 100 عام (ستعيش مئة عام).

من العلاج بالمعنى إلى الإيكيغاي: كيف تعيش بشكل أفضل ولفترة أطول من خلال العثور على هدفك

يدخل الكاتب في هذا الجزء من الكتاب قليلاً إلى علم النفس، إلى العلاج بالمعنى تحديداً – المقابل الأشبه في المجتمع الغربي لمفهوم الإيكيغاي، ويقارن بين هذين المفهومين وبين مفاهيم أخرى في علم النفس مميزاً بينها وشارحاً الفروقات التي تميزها عن بعضها.

يبدأ الكتاب بالحديث عن العلاج بالمعنى، أسلوب العلاج النفسيّ الذي اشتهر على يد الدكتور فيكتور فرانكل بعد الحرب العالمية الثانية، ويقارنة مع العلاج النفسي التقليديّ (التحليل النفسي) واختلاف تعامل كلّ منهما مع مشاكل المريض. في العلاج التقليديّ يركز المعالج على التعايش مع المشاكل وارضاء الرغبات الخاص بالمريض، بينما في العلاج بالمعنى يكون تركيز العلاج على مساعدة المريض للعثور على هدف حياته والانخراط في ممارسات اخلاقية أسمى من الذات.

يصف الكتاب أيضاً حالة “البحث عن المعنى” التي يلخصها فيكتور فرانكل في أسلوب علاجه، والتي تبدأ بشعور الشخص بالفراغ الداخلي، ثم مساعدة المعالج له بفهم أن ما يعاني منه هو رغبة بالعثور على هدف حياتيّ، ومن ثم يبدأ المريض بالعثور على هدف أسمى من حياته، ومن ارادته الخاصة يبدأ بقبول أو رفض هذا الهدف. في النهاية، يساعد الهدف من الحياة هذا المريض على متابعة حياته وتخطي المصاعب فيها بشكل أفضل.

على الرغم من أن هذا الفصل يتوسع بشكل كافٍ ضمن سياق الموضوع عن العلاج بالمعنى، إلا ان القراءة عن الموضوع في كتاب فرانكل “الانسان يبحث عن المعنى” يقدم للقارئ فكرة أفضل لما في هذا النمط من العلاج النفسي من تفاصيل، وكيف تتلائم مع فكرة الإيكيغاي في الثقافة اليابانية.

يتوسع الكتاب بعد هذا في الحديث عن فكرة “الكفاح من أجل الذات” وعن كون البحث عن الهدف من الحياة من وجهة نظر العلاج بالمعنى، أمراً لا يعتبر كمرض نفسيّ، وإنما كمشكلة روحانيّة وظاهرة طبيعيّة تدفع الناس للبحث عن ذاتهم. وظيفة المعالج في حالة العلاج بالمعنى هي فقط مساعدة الشخص في استكشاف امكانياته، والمشي باتجاه هدفه.

الأزمات الوجوديّة النابعة من هذا البحث أمر موجود بكثرة في المجتمعات الحديثة حيث يقوم الناس بما يطلب منهم الآخرون فعله، وليس ما يرغبون هم بفعله، وبهذا عندما يحاول الشخص سد هذه الفجوة بالطريقة الخاطئة كالاشباع الماديّ أو ارضاء الرغبات، قد يكون هذا مدمراً لنفسيته على الكثير من الأصعدة، وقد يكون سبباً في الانتحار.

يتحدث الكاتبان أيضاً عن بعض الظواهر المتشعبة من مفهوم الأزمات الوجودية مثل العصابية الأحدية (النوبات العصابية التي تصيب بعض الناس يوم الأحد بسبب اكتشافهم الفراغ الكبير في حياتهم خارج العمل).

يلخص بعدها الكتاب طريقة عيش الحياة الأفضل من وجهة النظر العلاج بالمعنى في نقاط قصيرة:

  • سارتر الفيلسوف الشهير يعتقد أننا لا نخلق المعنى لحياتنا، بل نكتشفه فقط.
  • لكل واحد من البشر سبب خاص به للعيش، ويمكن لهذا السبب أن يتغير ويتحول مرات عديدة أثناء الحياة.
  • كما أن القلق أحياناً يجلب لك تماماً ما كنت تهابه، الرغبة الزائدة قد تبقي هذه الرغبة بعيدة المنال.
  • الفكاهة تكسر حلقات السلبية وتخفف القلق.
  • لكل من البشر القدرة على القيام بأشياء نبيلة أو مريعة، أي طرف من المعادلة سيؤول إليه الانسان عائد تماماً لاختياره الشخصية، وليس للحالة التي عاشها ووجد فيها نفسه.

ثم ينتقل الكاتبان للحديث عن مجموعة من الحالات التي قدمها فيكتور فرانكل في دراساته، تتضمن حالة فيكتور فرانكل نفسه، الناجي من معسكر اوسشويتز في ألمانيا النازية، وبعدها حالة الدبلوماسي الأمريكيّ الذي لم يكن سعيداً بسياسات بلده الخارجية وكيف قدم له فرانكل طريقة مختلفة لحلّ مشكلته بدلاً من التحليل النفسي الذي كان يحاول جعله يتقبل هذه المشكلة. ثم انتقل الكاتبان لحالة الأم التي ترغب بالانتحار، هذه الأم التي فقدت احد ابنيها وأرادت أن تقتل الآخر وتنتحر (الآخر مشلول) عدلت عن رأيها بعد أن أدركت أنها ترغب بتقديم حياة جيدة لابنها المشلول.

الحالة الأخيرة تحدثت عن الطبيب المريض بالأسى، هذا الطبيب المكتئب من فقدان زوجته قبل عامين طلب المساعدة من فرانكل وكان الجواب بسيطاً؛ هل كنت تفضل أن تموت هي قبلك؟ وبتفكيره بهذه الفرضية استطاع الطبيب متابعة حياته متحمّلاً ألم فقدان زوجته.

في الفقرة التالية، انتقال الكتاب للحديث إلى أحد أساليب العلاج النفسي الموجودة في اليابان، تقريباً في نفس العقد وقبل بضعة سنوات من الوقت الذي ظهر فيه العلاج بالمعنى على يد فرانكل، أسلوب موريتا في العلاج النفسي. شوما موريتا مؤسس هذا النمط من العلاج النفسيّ الذي أثبت نجاحه في علاج حالات الوسواس القهري والعصابية وقلق ما بعض الصدمات، كان بنفسه يتبع البوذية الزين، وطريقة علاجه تركت أثراً روحانياً كبيراً على اليابان ككل.

على عكس اساليب العلاج الغربية التي تحاول إقناع المريض للتحكم بمشاعره، علاج موريتا يعلم المريض تقبل هذه المشاعر دون محاولة السيطرة عليها، لأن هذه المشاعر ستتغير نتيجة لأفعالهم. إضافة لهذا، يحاول هذا النمط من العلاج دفع المريض لإنشاء مشاعر جديدة بناء على أفعال جديدة، هذه المشاعر الجديدة تتجذر داخل المريض من خلال التجربة والتكرار.

بالطبع، هذا النوع من العلاج له تفاصيل اخرى منها مذكورة في هذه الكتاب ولكن التفاصيل الأكبر موجودة في كتاب Morita Therapy and the True Nature of Anxiety-Based Disorders من تأليف موريتا بنفسه.

يمر بعدها الكتاب على أساسيات علاج موريتا، من قبول المشاعر، القيام بما يجب علينا القيام به في الوقت الحاضر، واكتشاف الهدف من الحياة. ومن ثم يقدم الخطوات الأربعة في علاج موريتا والتي تتضمن الانعزال عن العالم والراحة لسبعة أيام، في غرفة معزولة، ومن ثم العلاج الإنشغاليّ الخفيف، لسبعة أيام أخرى، بصمت. ومن ثم مرحلة العلاج الإنشغاليّ الذي يتطلب حركة جسدية، لسبعة أيام أيضاً، وفي النهاية العودة للحياة الاجتماعية والعالم الحقيقي.

بالطبع، هذا النوع من العلاج ربما يكون أقرب للمستحيل في أماكن أخرى في العالم، خصيصاً في العصر الحاليّ. ولكنّه موجود بخطواته بالتفاصيل في الكتاب لمن يحب الاطلاع (في كتاب إيكيغاي).

يربط الكتاب بعدها بين طريقة نايكان في التأمل، وعلاج موريتا، هذا النوع من التأمل يركز على ثلاثة أسئلة رئيسية وهي العماد في كثير من الممارسات الموجودة في علاج موريتا:

  •  ماذا أخذت من الشخص س؟
  • ماذا قدمت للشخص س؟
  • ما هي المشاكل التي سببتها للشخص س؟

بهذا يتخلص الانسان من لوم الآخرين على مشاكله ويبدأ بالاعتماد على حس المسؤولية في داخله، وكما يقول موريتا نفسه “اذا كنت غاضباً وأردت العراك، انتظر ثلاثة أيام قبل الضربة الأولى، بعد ثلاثة أيام ستخبو الرغبة الجنونية للقتال لوحدها”.

ويختم الكاتبان الفصل بربط علاج موريتا والعلاج بالمعنى بالإيكيغاي؛ الأساس الذي يتمحور حوله كلا العلاجين، العثور على الهدف في الحياة والذي يمكن البدأ فيه حتى دون مساعدة المعالج النفسيّ.

العثور على التدفق في كل شيء تفعله: كيف تحول العمل وأوقات الفراغ إلى مصادر للنمو

يبدأ الفصل بالحديث عن التدفق، الحالة التي يصل لها الانسان عند القيام بمهمة معينة وينصب تركيزه بالكامل عليه، يفقد فيها الشعور بما يحيط به، وينتقل لشعور من السعادة و”تدفق” الحركات بشكل عفويّ، دون تشتيت انتباهه بأي شيء آخر.

كلمة التدفق ذاتها قادمة من دراسات ميهالي سيكزينتميهالي تعرّف على أنها الحالة التي ينفصل فيها الشخص عن محيطه أثناء القيام بعمل محدد، وهذه الحالة تجلب للشخص السعادة والسرور، وهذه الحالة من الأشياء الرئيسية التي على الباحث عن الإيكيغاي استشعارها ومحاولة الدخول فيها. ولفعل هذا على الشخص الابتعاد عن الممارسات التي تقدم المتعة اللحظية والتركيز على المهام طويلة الأمد التي تعطي شعوراً مستقراً بالتدفق اثناء القيام بها.

هناك المزيد عن التدفق في كتاب ميهالي عن هذا الموضوع باسم Flow: the Psychology of Optimal Experience والذي يتم الاقتباس منه مرات عديدة في هذا الكتاب.

ينتقل بعدها الكتاب للحديث عن الشروط السبعة لتحقيق التدفق اعتماداً على أقوال البحاث اوين سكافير:

  1. معرفة ما يجب عليك فعله
  2. معرفة طريقة فعل هذا الشيء
  3. معرفة الجودة التي تقوم بها بهذا الشيء
  4. معرفة الهدف او المكان الذي يجب عليك الوصول إليه
  5. ادراك التحديات المهمة
  6. ادراك المهارات المهمة
  7. الابتعاد عن المشتتات

ومن ثم يعبر الكتاب إلى بعض الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها للوصول للتدفق ويفصل في كلّ منها قليلاً؛ بداية باختيار مهمة صعبة، ولكن ضمن حدود المعقول ليكون التدفق في هذه الحالة موازنة بين الملل القادم من المهام السهلة، والقلق القادم من المهام الصعبة جداً. الاستراتيجية الثانية تقتضي بوضع أهداف واضحة وثابتة من البداية وكيف تقوم الألعاب بهذا بالطريقة الصحيحة، حيث تكون المهام الموجودة فيها واضحة، ومن السهل الوصول لحالة التدفق أثناء لعب الألعاب لهذا السبب. ويبين بعدها أهمية توضيح الأهداف لكافة أعضاء الفريق وتأثير هذا على جودة الانتاج في بيئة العمل.

الاستراتيجية الثالثة تنصح بالتركيز على مهمة واحدة فقط أثناء العمل، على عكس الشائع حالياً من تعددية المهام، حتى لو كانت هذه المهام غير مهمة في الحقيقة، كالاستماع للأغاني أثناء العمل مثلاً. التركيز التام على العمل أكثر نجاحاً من توزيع الاهتمام على تفاصيل في الخلفية. لهذا الأمر علينا توفير شرطين رئيسيين، العمل في بيئة خالية من المشتتات، والتحكم بما نفعله في كل لحظة اثناء العمل.

يفصل الكتاب بشكل أو بآخر بموضوع التركيز على مهمة واحدة أثناء العمل، ويذكر احصائيات متعلقة بهذا وكيف أنه -عكس ما يعتقده الكثير- يوفر الوقت أكثر من تعددية المهام.

ويضع الكتاب أيضاً بعض النصائح الاخرى للوصول للتدفق بسهولة أكبر:

  • عدم النظر لأي نوع من الشاشات في الساعة الأولى بعد الاستيقاظ والساعة الأخيرة قبل النوم.
  • ايقاف تشغيل الهاتف قبل الدخول في أعمال ترغب بالوصول للتدفق فيها، وإن كان إيقاف تشغيل الهاتف أمراً صعباً عليك يمكنك استخدام وضع عدم الازعاج لاستقبال الاتصالات من الأشخاص القريبين منك فقط.
  • تخصيص يوم من الصيام الإلكترونيّ كل أسبوع، ابتعد عن كل شيء عدى القارئ الإلكترونيّ خاصتك ومشغل الموسيقى إن كان لديك واحداً.
  • اختر المقاهي التي لا توفر اتصال وايفاي للاجتماع.
  • اقرأ وردّ على البريد الإلكتروني مرة واحدة أو مرتين كل يوم، حدد هذه الأوقات والتزم بها.
  • استخدم تقنية بومودورو، وقم بمهمتك بناء على مؤقت الطعام؛ العمل ل25 دقيقة والاستراحة لخمس دقائق. يمكنك أيضاً اختيار الوقت الملائم لك بعيداً عن هذه التقنية باعتماد أوقات للعمل أو الراحة. المهم هو الانضباط وليس “الوقت” بذاته.
  • ابدأ روتين عملك بشيء تحبه، وانهه بمكافئة.
  • درّب عقلك على العودة للعمل كلما شعرت بالتشتت، يمكنك ممارسة التأمل أو المشي للقيام بهذا.
  • العمل في مكان خالٍ من المشتتات.
  • قسّم كل مهمة إلى مجموعات من الخطوات المتشابهة، ومن ثم خصص لكل مجموعة من الخطوات وقتاً ومكاناً محدداً للقيام بها. كالقيام بالأبحاث في المكتبة، الكتابة في المنزل، والنشر في المقهى.
  • اجمع المهام المتكررة الروتينية ونفذها في وقت واحد، كدفع الفواتير وارسال البريد، لتوفير الوقت.

ينتقل الكتاب بعدها للحديث عن التدفق في الثقافة اليابانية، ويتحدث عن التاكومي (الحرفييّن اليابانييّن) والمهندسين والأوتاكو، وما يجمع بينهم؛ الاهتمام بما يفعلونه لدرجة تدفعهم للتدفق في أغلب الوقت وأهمية هذا التدفق في حياتهم. هذا النوع من التدفق متأصل في الثقافة اليابانية حيث تعتبر أكثر الكلمات تكراراً “غانبارو” والتي تعني حرفياً “ابق صلباً بأن تفعل أفضل ما يمكنك فعله”.

يمر الكتاب أيضاً على بعض حالات الحرفيين في اليابان كصانعي البراغي في شركة تويوتا، أو صانعي أبر مشغلات أقراص الفينيل الذين يحاولون تمرير هذه الحرف لمن بعدهم. ومن ثم يقدم الكاتبان مقابلة مع أحد الحرفيين المختصين بصناعة الريش، ووضع الشعيرات الدقيقة على رأس الريشة.

يمر الكتاب أيضاً على علاقة ستيف جوبز، احد أشهر عملاقة التقنية في الغرب، مع الثقافة اليابانية، واهتمامه باحد الحرفيين الموجودين فيها لدرجة رغبته بالذهاب للجبل الذي يحضر منه هذا الحرفي البورسلان المستخدم في تصنيع الأكواب والمزهريات التي يصنعها هذا الحرفيّ.

من ثم يجمع الكاتبان كل ما سبق، بين المهندسين، الحرفيين، فلسفة الزين، والطبخ في مكان واحد: البساطة المعقدة، أو البساطة مع الانتباه الشديد للتفاصيل. البساطة التي لا تنبع من الكسل، وإنما من البحث عن الجديد. ضمن حدود الإيكيغاي الخاص بالصانع. ويتابعان الحديث عن أحد الوثائقيات عن طباخ يابانية يقوم بطبخ السوشي كل يوم دون ملل، بحالة من التدفق المستمر.

بعد ذلك ينتقل الكتاب للحديث عن نقاء أعمال غيبلي، أحد أشهر الاستوديوهات اليابانية للأنميشن، وحالة المخرج الشهير هاياو ميازاكي، المخرج الشهير من استوديو غيبلي. وطريقة توصيفه للطبيعة والانسان والتكنلوجيا والخيال في الأفلام التي يعمل عليها، والصراع بينها والوصول للوفاق في نهايتها. يصف الكتاب أيضاً أسلوب العمل في الاستوديو وكيف يصل هاياو ميازاكي لحالة التدفق باستمرار، والعمل حتى في العطل دون ملل. وعن تقاعد ميازاكي الشهير الذي تبعه ذهاب هاياو للاستوديو والعودة للرسم في اليوم التالي بعد اعلانه لهذا التقاعد، وقراره للاستمرار في الرسم إلى الأبد حتى لو لم يكن ضمن العمل في الاستوديو.

يمرم الكتاب أيضاً بشكل سريع على فكرة الانعزال الاجتماعي الاختياري والاستمرار في عمل ما يحبه الشخص حتى النهاية دون مشتتات، ويضرب مثالاً على هذا البيرت أنشتاين الذي توفي أثناء محاولته اثبات معادلة تجمع بين كل القوى، وهاروكي موراكامي الروائي الياباني الشهير الذي يبقي دائرة صغيرة فقط من الناس حوله، بعيداً عن المشتتات.

ينتقل الكتاب بعدها لفكرة التدفق المصغر، والعثور على التدفق في المهام اليومية المكررة، والتي تحاول إيصال فكرة التدفق إلى المهام التي لا يمكن اعتبارها اعمالاً أو هوايات، بل واجبات يومية كالغسيل والجلي، ويضرب مثلاً مقابلة مع أحد عاملي المصاعد المسؤولين عن الترحيب براكبي هذا المصعد وضغط الزر لهم، أحد الوظائف التي لم تعد موجودة تقنياً في العالم. القدرة على تغيير المهام المكررة إلى تحد يمكن أن يدفع الملل بعيداً عن الإنسان هو المفتاح الرئيسي للتدفق المصغر.

يطرح الكتاب أيضاً مثالاً عن بيل غيتس، احد عمالقة التكنولوجيا حالياً، وعن استمتاعه بالجلي بسبب تحويله لهذه المهمة اليومية الروتينية إلى مجموعة من المهام الصغيرة ذات القواعد المحددة. كالبدء من الأكواب، ومن ثم تنشيفها، وهكذا.

أحد عباقرة العصر الحالي، ريتشارد فينمان، استقى معه كبيرة من القيام بالاعمال الروتينية، كطلاء الجدران واحضار مستلزمات المكتب وتلحيم الدارات.

بعدها ينتقل الكاتبان لفكرة التأمل، وأهميتها لتدريب العقل على الوصول لحالة التدفق. ويطرحان بعض الأفكار الخاطئة والصحيحة عن التأمل وكيف يمكن القيام به بطريقة صحيحة بالمجمل، بعيداً عن الانواع المتعددة له.

في نهاية هذا الفصل، يتحدث الكتاب عن أهمية الشعائر للإنسان، الروتين المكرر قبل البداية بالعمل، سواء كانت هذه الشعائر دينية أو شخصية، وكيف تعتبر الشعائر في الديانات الشائعة في اليابان كالبوذية والشينتو والكونفوشية، أهم من القواعد الدينية في كثير من الأحيان في الثقافة اليابانية، وتأثير هذه الشعائر على حياة العمل في اليابان وكونها في كثير من الأحيان، اهم من انجاز العمل بحد ذاته. وينهي بأن هذه الشعائر بحد ذاتها، تمتلك قواعد محددة وواضحة ويمكن من خلالها الوصول لحالة التدفق المصغر بسهولة، ومن ثم لحالة التدفق.

وبمعرفة كيف وما يوصلك تحديداً لحالة التدفق، يمكنك معرفة الإيكيغاي الخاص بك بسهولة أكبر، ولو أن هذا الأمر ليس “علاجاً سحرياً” للعثور على الإجابات التي تبحث عنها.

أسياد العيش الطويل: كلمات حكيمة من أطول الناس أعماراً في العالم

في هذا الفصل يقوم الكاتبان بمقابلات مع بعض المعمرين، لا يمكنني تلخيص ما في هذا الفصل كونه يتضمن الكثير من التفاصيل، باختصار، يحاول الكاتبان ضحد بعض الأساطير حول العمر الطويل ويطرحان في الفصل أمثلة عن معمرين حول العالم، من ثقافات مختلفة، بمحاولة للإشارة أن الطريقة اليابانية ليست الطريقة الوحيدة الصحيحة وليست الطريق المضمون للحياة الطويلة، على الرغم من أن اليابان فعلاً هي الرائدة عالمياً في هذا المجال.

دروس من معمّري اليابان: أمثال وتقاليد للسعادة والعيش المديد

تدور أحداث هذا الفصل في مدينة أوغيمي اليابانية، حيث زار الكاتبان قرية “الحياة الطويلة” في اوكيناوا، والأشياء التي لاحظوها في اسلوب حياة الناس في هذه القرية. بالتحديد، بداية من مركز الدعم والصحة العامة في المدينة، والمعمرين الموجودين في هذا المركز.

البداية

يصف الكاتبان المدينة بكونها خالية من الزحام والأبنية المكتظة، ومحفوفة بالخضار الطبيعي من كل طرف، إضافة لكونها قريبة من البحر طبعا. يرحب بالكاتبان امرأة في الثامنة والثمانين من العمر، ومساعدها في التاسعة والتسعين من العمر ويرافقانهما في جولة ضمن المدينة.

الملاحظة الاولى ابتعاد السكان عن الأكل في المطاعم سوى في حالات نادرة، واعتمادهم بشكل رئيسي على الأطعمة التي يزرعونها في حدائقهم الخاصة، ولكن حتى في حالة المطاعم الأغذية المستخدمة كلها محلية. تذكر المرأة التي ترافقهما أن الطعام ليس من الامور الأكثر اهمية للحياة الطويلة، فالطعام لن يساعدك على الحياة الطويلة -برأيها- وأن السر للعيش الطويل هو الابتسام وقضاء وقت ممتع.

يتحدث الكتاب بعد ذلك عن بنية المجتمع في هذه المدينة، وتقسيم الأفراد -بغض النظر عن اعمارهم- في مجموعات اجتماعية تتمحور حول المراكز الاجتماعية، المدينة مقسمة ل17 حيّ لكل منها رئيس ومجموعة من الأعضاء المسؤولين عن مهام ثقافية متعددة، كالاحتفالات والتجمعات وحتى الاهتمام بالعيش الطويل. أغلب سكان المدينة يهتمون بالعيش الطويل وهو ما تتميز به هذه المدينة.

الاحتفالات

ينتقل بعدها الكاتبان إلى واحدة من هذه المجموعات، حيث يصادفون حفلة عيد ميلاد لمجموعة من الاعضاء، أصغرهم في الثلاثة والثمانين من العمر. في نفس حفلة عيد الميلاد، يحتفل المجموعة بعيد ميلاد امرأة في التاسعة والتسعين، اخرى في الرابعة والتسعين، و”شاب” في التاسعة والثمانين.

الحلويات المستخدمة في حفلة عيد الميلاد كانت مصنوعة من فاكهة الشيكواسا الحمضية، هذه الفاكهة الحمضية من أهم الأشياء التي تتميز فيها هذه المدينة وهي أكثر حمضية من الليمون والبرتقال، ولا يمكن شرب عصائرها دون تمديدها بالماء أولاً. ولهذه الفاكهة فوائد في المحافظة على صحة أجساد سكان هذه المدينة وتشكل جزءاً رئيسياً من غذائهم.

الاحتفال، سواء بحفلات عيد الميلاد، الذهاب لصالات الغناء، وغيرها من الاحتفالات تعتبر جزءاً رئيسياً من ثقافة الحياة في أوغيمي، وفي أغلب الأحيان يمكنك العثور على المعمرين في هذه المدينة يلعبون ألعاباً مختلفة أو يشاركون في الحفلات.

الديانة

الديانة الشائعة في أوغيمي هي الريوكيو شينتو، وهي ديانة تجمع بين التاوية الصينية، الكنفوشية، والبوذية، والشينتوية. مع عناصر شامانية وانيميستية. وتقول هذه الديانة أن العالم مسكون بأرواح مصنفة في مجموعات محددة، ومن المهم ارضاء هذه الأرواح من خلال العشائر الاحتفالات والحفاظ على الأراضي المقدسة.

المعابد لهذه الديانة تتنوع بين المعابد الصغيرة المفتوحة اوغانجو، او الأوتاكي، مجموعة من الاحجار المرصوفة التي يعتقد الناس أن الأرواح تتجمع حولها. وفي هذه الديانة تمتلك النساء قدرات روحية أكبر من الرجال، والنساء يصبحن عادة وسائل للتواصل بين المجتمعات والأرواح من خلال العشائر التقليدية.

الجزء الثاني من الديانة في أوغيمي يتعلق بعبادة الأجداد، وهو أمر شائع في اليابان، عبادة الأجداد تتجلى عادة بإبقاء ضرح خاص بأجداد العائلة ضمن المنزل يصلي له أعضاء العائلة ويقدمون عليه الأضحيات.

المابوي، أو رائحة الأجداد بالترجمة الأقرب، مهم أيضاً في ثقافة أوكيناوا الديينية، هذه الرائحة هي مصدر طاقة الحياة ويمكن نقلها من فرد للآخر، هذه الرائحة خالدة وهي ما تجعلنا ما نحن عليه، ويمكن نقلها من الشخص للآخر من خلال الهدايا، يمكن أيضاً للمابوي البقاء عالقة في هذا العالم لأشخاص ماتوا ميتة غير متوقعة كالأطفال مثلاً، وللتخلص من هذه الرائحة تقام شعائر محددة لتحرير هذه الأرواح العالقة.

العمر الطويل

الاهتمام بالعمر الطويل جزء كبير من ثقافة أهل مدينة أوغيمي، ويحاول الكاتبان عرض هذا من خلال الحديث عن نمط الحياة للمعمرين في هذه المدينة؛ نمط الحياة المليء بالمشاغل، وفي نفس الوقت، المليء بالهدوء والسكينة. صفة مشتركة لكل أعضاء المجتمع في أوغيمي أنهم جميعاً يطاردون أهدافاً مهمة، ولكنهم في نفس الوقت يقومون بهذا بحالة من التدفق المستمر، أنهم جميعاً يمتلكون إيكيغاي خاصاً بهم.

يبدأ الكتاب بعدها بعرض مقابلات مع المعمرين في أوغيمي، ومجدداً، هذه المقابلات تحتاج قراءة كاملة لفهم مافيها، ولكن الكاتبان يلخصانها في نهاية الفصل بنقاط مفتاحية رئيسية. ويبدآن كل منها بنصيحة من المعمر الذي قاما بمقابلته. هذه النصائح باختصار تضمنت:

  1. لا تقلق
  2. انشئ عادات جيدة
  3. غذّ صداقاتك كل يوم
  4. عش حياةً دون استعجال
  5. كن متفائلاً

وهذه هي المفاتيح التي لخصها الكاتبان من هذه المقابلات:

  • كل الناس الذين أجريت معهم المقابلات امتلكوا حديقة خضروات خاصة بهم، الكثير منهم امتلكوا حقول اي، مانغو، شيكواسا، وغيرها.
  • كل الناس في المدينة ينتمون لمجموعات اجتماعية حيث يمكنهم أن يشعرو بالاهتمام وكأنهم ضمن العائلة.
  • الاحتفال طوال الوقت، حتى بالأشياء الصغيرة، الموسيقى والغناء والرقص جزء رئيسي من الحياة اليومية في هذه المدينة.
  • لكل منهم هدف مهم في حياته أو اهداف عديدة، لكل منهم إيكيغاي، ولكنهم لا يتعاملون مع هذه الأهداف بجدية فائقة وقلق، الاسترخاء والاستمتاع بما يقومون به أمر ضروري.
  • كلهم فخورون بتقاليدهم وثقافتهم المحلية.
  • كلهم شغوفون بكل ما يقومون بفعله، حتى لو كان يبدو عديم الأهمية.
  • للسكان المحليين شعور قوي باليويمارو، الشعور بالناس من حولهم ومساعدتهم في كل شيء، من العمل في الحقول وحتى بناء المنازل.
  • كلهم مشغولون طوال الوقت، لديهم دائماً مهام تسمح لهم بالاسترخاء، لا يمكنك رؤية في المدينة معمر واحد جالس على كرسي في الحديثة العامة دون فعل شيء، هناك دائما أشخاص ذاهبون وقادمون، لصالات الغناء، لزيارة الجيران، للعب الرياضة، او غيرها.

حمية الإيكيغاي: ما يأكله ويشربه أطول الناس أعماراً في العالم

من المثير للاهتمام ان أوكيناوا -المدينة التي تمتلك أعلى معدلات طول الحياة في العالم- كانت من أكثر المدن اليابانية معاناة في الحرب العالمية الثانية، ليس فقط من ناحية المعارك الشرسة وإنما من ناحية المجاعات والفقر. في الحرب العالمية الثانية لم يكن معدل الحياة في المدينة مرتفعاً كما هو الآن، ولكن بعد أقل من قرن واحد أصبحت واحدة من أعلى مدن العالم في هذا المعدل.

الملاحظة الأولى التي يشير إليها الخبراء لتفسير سبب هذا العمر الطويل، حتى مقارنة بمناطق اليابان الأخرى، والتي تعتبر اصلاً ذات معدلات حياة مرتفعة مقارنة بدول العالم الأخرى، أن أوكيناوا لا تمتلك أي قطارات، لهذا يحتاج السكان للمشي أو ركوب الدراجة الهوائية في حال عدم استخدامهم للسيارة، ويشير الخبراء أيضاً لكون هذه المدينة هي المدينة الواحدة التي تحقق المقدار المرشح به من الدولة اليابانية لتناول أقل من عشر غرامات من الملح في اليوم الواحد.

حمية “أوكيناوا” من أشهر الحميات حول العالم، وتقتضي هذه الحمية محاكاة أسلوب الغذاء في مدينة أوكيناوا، هناك العديد من الأبحاث حول هذا بالأخص من الباحث الياباني ماكوتو سوزوكي، الذي قدم أكثر من 700 مقالة علمية عن التغذية والعمر الطويل في أوكيناوا.

في كتاب مشترك بين ماكوتو سوزوكي وبرادلي جي ويلكوكس ودي كريغ ويلكوكس، نشر تحت اسم برنامج أوكيناوا ذكر الثلاثة ملاحظات مهمة عن أسلوب سكان أوكيناوا الغذائي:

  • سكان اوكيناوا يتناولون مجموعة مختلفة جداً من الأطعمة، بمعدل ثمانية عشر طعاماً مختلفاً كل يوم، وهو أمر مختلف جداً عن الشائع في المجتمعات الحديثة التي تركز على مجموعة محددة من الاطعمة كل يوم.
  • سكان اوكيناوا يتناولون على الأقل خمس حصص من الفواكه والخضروات كل يوم، على الأقل في كل منها سبع أنواع من الفكاهة والخضروات.
  • الحبوب تشكل جزءاً رئيسياً من الحمية الغذائية، الأرز جزء رئيسي من هذه الحمية.
  • لا يأكلون السكر المعالج، وفي حال الاحتياج للسكر يستخدم السكان سكر القصب المزروع في المدينة نفسها.
  • إضافة لهذا، سكان أوكيناوا يتناولون السمك بشكل منتظم، بدلاً من لحوم الخنزير المستخدمة بشكل شائع في باقي مناطق اليابان.

تشير دراسات ماكوتو في النهاية إلى ما يلي:

  • سكان أوكيناوا يستهلكون ثلث كمية السكر التي يستهلكها باقي سكان اليابان. كمية أقل من الشوكولا أو الحلويات.
  • سكان أوكيناوا يستهلكون نصف كمية السكرة التي يستهلكها باقي سكان اليابان، 7 غرامات في اليوم مقارنة ب12 غراماً في اليوم وسطياً لباقي السكان.
  • يستهلكون كمية أقل من السعرات الحرارية، بمعدل 1775 كل يوم، مقارنة ب2068 وسطياً في باقي اليابان. الاستهلاك الأقل للسعرات الحرارية أمر مشترك في الثقافات الموجودة في كافة المناطق الزرقاء حول العالم.

هارا هاتشي بو

أحد القواعد الغذائية التي تحدث الكتاب عنها سابقاً، يتوسع فيها هنا. هذه القاعدة التي تقتضي باستهلاك ثمانين بالمئة فقط من حاجة الإنسان للطعام بدلاً من الأكل حتى التخمة، وهذه القاعدة جزء من الثقافة اليابانية في المطاعم ومن السهل تطبيقها؛ من خلال التوقف عن تناول الحلويات بعد الطعام، او زيادة عدد الأصناف على الطاولة مع تخفيض كمية كل منها.

هذه القاعدة إحدى القواعد المشهورة في البوذية الزين، حيث ينصح زازين يوجينكي بتناول ثلثي حاجة الشخص من الطعام فقط. وهذه الممارسة شائعة جداً بين المعابد البوذية.

بالطبع، تخفيض الطعام لا يعني اساءة التغذية، ومن المهم الانتباه على هذا عند تطبيق هذا المفهوم؛ ويناقش الكتاب هذا من ناحية علمية.

يشير الكتاب أيضاً أنه يمكن الاستعاضة في بعض الأوقات عن قاعدة هارا هاتشي بو، بالصيام يومين في الأسبوع واستهلاك أقل من 500 حريرة في هذه الايام، هذا قد يكون أكثر فائدة كون الصيام يساعد الجسد على تنظيف الجهاز الهضمي.

يذكر الكتاب بعد ذلك 15 غذاءاً رئيسياً لسكان أوكيناوا، وهي:

  • التوفو
  • الميسو
  • التونة
  • الجزر
  • البطيخ المر
  • الطحالب البحرية
  • الملفوف
  • الأعشاب البحرية
  • البصل
  • الصويا
  • الهيتشيما – أشبه بالخيار
  • فول الصويا المسلوق او النيء
  • البطاطا الحلوة
  • الفلفل
  • شاي الياسمين

ينتقل بعدها للحديث عن فوائد شاي الياسمين، والشاي الأخضر والأبيض على الجسد، ويذكر أيضاً فاكهة الشيكوساوا التي تحدثنا عنها سابقاً. ويتابع لذكر بعض الأطعمة الشائعة في الغرب، والتي تمتلك صفات مشابهة للأطعمة الشائعة في أوكيناوا، ومنها:

  • الخضراوات كالقرنطبيط والخس
  • السمك كالسالمون والتونة والساردين، لكونها تمتلك مضادات أكسدة في شحومها
  • الفواكه الحامضية
  • التوت
  • الفواكه المجففة
  • الحبوب كالقمح والشعير
  • زيت الزيتون
  • النبيذ الاحمر – بشكل معتدل.

وينبه من استخدام الأطعمة السريعة السكر المعالج والحبوب المعالجة في الحمية الغذائية. أيضاً الابتعاد عن استهلاك مشتقات حليب الأبقار بكثافة أمر مهم للحمية الجيدة.

حركات لطيفة، حياة أطول: تمارين من الشرق لحياة أطول وصحة أفضل

في هذا الفصل من الكتاب يدخل الكاتبان بتفاصيل ابقاء الجسد في حالة صحية جيدة من خلال التمارين الشرقية، من اليوغا والراديو تايسو والتاي تشي والكويجونغ والشياتسو، والتمارين التنفسية. كل هذه التمارين موجودة في الكتاب بالتفاصيل ويدخل في انواعها وطريقة القيام بها ومدارسها المختلفة، وكلها قابلة للتطبيق ضمن بيئة العمل اليومية أو حتى في المنزل دون الحاجة لأي نادٍ رياضيّ، لا يمكن تلخيص هذا الجزء من الكتاب بشكل مكتوب لاحتوائه أيضاً رسوماً توضيحية لطريقة القيام بالتمارين وتفاصيل أخرى، أنصح بقراءة هذا الجزء بعناية من الكتاب.

بشكل عام، يشجع الكتاب على أداء تمارين رياضية روتينية ذات قواعد محددة، ومن الأفضل لو جمعت هذه التمارين بين أكثر من ميزة، كنتظيم التنفس، الحث على الاسترخاء، التأمل، والعلاج الروحيّ.

الصلابة والوابي-سابي: كيف تواجه مصاعب الحياة دون أن تشيخ بسبب الضغط النفسيّ والقلق

يبدأ الكتاب بالحديث عن معنى “الصلابة” وكون هذا المفهوم لا يشتمل فقط على “الصمود امام المصاعب” بل البقاء مركزاً على الأشياء والمهام المهمة أثناء خوض الصعاب، دون السماح للمشاعر السلبية بأن تسيطر على الإنسان. ويتحدث عن هذه الصلابة بالتفصيل ثم يلخصها في صلاة السكينة الشهيرة التي كتبها رينهولد نيبوهر:

أيها الرب، أعطنا النعمة لنقبل بسكينة،
الأشياء التي لا يمكننا تغيرها.
الشجاعة لتغيير الأشياء،
التي يجب تغييرها.
والحكمة للتمييز،
بينهما.

ينتقل بعدها الكاتبان للحديث عن الصلابة من وجهة نظر بوذية و”رواقية” (إحدى المدارس الفلسفية الاغريقية) ويحكي الكتاب أولاً قصة البوذا، الشاب الذي ترك حياة الترف وانطلق للبحث عن المعنى، وبعد تجربة الزهد أدرك أن الانسان الحكيم لا يجب أن يتخلى عن النعم بالكامل، ولا يجب أن يتركها تتحكم به بالكامل، بل عليه العيش مع النعم وفي نفس الوقت أن يبقى واعياً كي لا تتحكم به.

زينو، مؤسس المدرسة الرواقية أيضاً جرب السينكية، مدرسة تدعو للزهد أيضاً ولم يمتلك تلاميذها سوى الملابس التي يرتدونها، ولكنه لم يجد أن هذا ملائماً له، لذا بدأ بالتفكير بأن متع الحياة ليست أمراً سيئاً ولا مشكلة فيها، طالما لا تسيطر هذه المتع عليك أثناء الاستمتاع بها. عليك أن تكون أيضاً مستعداً في أي وقت لزوال هذه النعم.

ما يجمع هذين الأسلوبين في الحياة أنهما كلاهما لا يركزان على منع الشعور بالمتعة نهائياً وإنما لمنع الشعور السلبي الناتج عنها. يسعى كلاهما أيضاً للسيطرة على المتعة والمشاعر والرغبات، ولو أنهما فلسفتان مختلفتان جداً في طريقة تطبيق هذا، كلاهما أيضاً يحاولان حصر الغرور البشري والتحكم بالمشاعر السلبية.

في الرواقية، الانسان الفضيل هو من يستطيع التحكم بمشاعره.

ينتقل الكتاب بعدها لجزء أكثر فلسفية من السابق، إلى التصور السلبي أحد الأساليب المتبعة للإبقاء على حالة الذهن الهادئة وتجهيزه لمواجهة الصعاب في المستقبل. على الرغم من أن هذا الأسلوب في التفكير قد يكون خطراً للبعض، إلا أنه يقود الإنسان لطريق حياة أفضل، ويجعله أكثر قدرة على التمييز بين ما يرغب بفعله، وما يقوم به دون هدف فعليّ.

من وجهة نظر الرواقية، الرغبات والطموحات المبنية على الطمع، كأن تبحث عن زوجة أكثر جمالاً بعد أن تزوجت من حب حياتك، او ان تبحث عن عمل أكثر راتباً من العمل الذي حلمت به طوال حياتك، هذه الطموحات لا تستحق المطاردة، وإنما يجب على الإنسان الفضيل البحث عن حالة السكون، الخلو من المشاعر السلبية كالقلق والخجل والخوف والغضب، وامتلاك مشاعر ايجابية كالسعادة والحب والهدوء والاكتفاء.

التصور السلبي يساعد على إبقاء النفس قادرة على التمييز بين هذين الأمرين، وبالتالي الإبقاء على فضيلة الإنسان، من خلال تخيل فقدان شيء ما من الحياة قبل فقدانه، كأن تتخيل فقدان ثرائك فجأة، او تتخيل فقدان أحد أفراد عائلتك فجأة، وتصور ما يمكن أن يحدث حينها ومحاولة الوصول لحلول، قبل أن يحدث الأمر.

هذا التفكير بالأحداث السلبية قبل حدوثها يمكننا من العثور على طريق لحلها، دون الحاجة للقلق المستمر بشأنها، كونها غير مستعجلة، ويجعلنا أكثر قدرة على مجابهتها في المستقبل. ولهذا يسأل الرواقييون أنفسهم هذا السؤال دائما “ما هو أسوأ ما يمكن أن يحدث؟”

إضافة للتصور السلبي، ومكافحة المشاعر السلبية، الرواقية تدعو إلى معرفة ما يمكن للإنسان التحكم به وما لا يمكنه التحكم به، وبهذا يمكن للانسان معرفة حدود قدراته، وهذا ما يجعل الانسان بدوره قادراً على مقاومة المشاعر السلبية. في البوذية، التأمل هو احد الطرق لفهم الرغبات والمشاعر، وبالتالي يمكننا التحرر منها بعد معرفتها. التأمل يتضمن مراقبة المشاعر والأفكار دون قلق، ودون التاثر فيها، وبهذا يمكن للعقل أيضاً التدرب على عدم الانسياق وراء الغضب والغيرة والكره والمشاعر السلبية بسهولة.

أحد الأشياء المشتركة أيضاً بين البوذية والرواقية، هو الاهتمام بالحاضر، كونه الأمر الوحيد الذي نمتلك القدرة على تغييره، بدلاً من القلق بشأن الماضي والمستقبل، من المفترض أن نقدر الأشياء الموجودة في اللحظة. الرواقية تدعو أيضاً لتأمل زوال الأشياء من حولنا، إضافة للاهتمام بالحاضر ذاته.

بعد هذه المقدمة الطويلة في الرواقية والبوذية، يعبر الكتاب لليابان مجددا، ويبدا الحديث عن الوابي-سابي والايتشي-غو ايتشي-اي. الأول مفهوم يظهر الجمال في الأشياء غير المكتملة في الطبيعة، الجمال في عدم المثالية، على عكس المفهوم الغربي للكمال التناظري والمثالي، الوابي-سابي يظهر الجمال في الأشياء غير المكتملة، الأكواب المكسورة، الاواني ذات الأخطاء التصنيعية، لان هذه الأشياء غير المثالية تشابه في طبيعتها العالم غير المنتظم.

الايتشي-غو ايتشي-اي مفهوم ياباني آخر يكمل هذا المفهوم، ويعني أن اللحظة التي نعيشها الآن، لن تعود مجدداً، وهذا متأصل في ثقافة الاحتفال اليابانية في التجمعات بين الأصدقاء والعائلة حيث تتكرر هذه العبارة، وتشير إلى أهمية عيش اللحظة الموجودة الآن دون القلق بشأن الماضي والمستقبل.

يقارن بعدها الكاتب بين العمارة اليابانية والغربية، حيث يركز الفن الغربي على بناء كنائس وأبنية قد تبقى لمئات الأعوام القادمة، بينما العمارة اليابانية تركز على عدم الكمال واستخدام مواد محلية سهلة التلف مقارنة بالأسمنت والحجار الصلبة لبناء المنازل، وبهذا يضطر كل جيل لإعادة بناء المنزل بنفسه، كجزء من الثقافة.

يطرح الكتاب مثالاً عن معبد إيسي الكبير، الذي يتم إعادة بنائه كل عشرين سنة منذ قرون، وبقاء هذا التقليد جزءاً من ثقافة المعبد، ليس كي يبقى المعبد ذاته واقفاً طوال هذه السنوات، بل كي يبقى لدى الناس تقليد إعادة بناء هذا المعبد كل عشرين سنة.

المفتاح هنا أن تقبل عبور الزمن، هشاشة الإنسان، عدم الكمال في الطبيعة، وعيش اللحظة. وهذا مهم للعثور على الإيكيغاي.

بعد هذا الحديث، ينتقل الكتاب لمفهوم يتخطى الصلابة ومقاومة الصدمات إلى الاستفادة من هذه الصدمات، ومن ثم يطرح عليها مثالاً من اليابان، عن بعض المدن التي تعرضت لضرر من التسونامي، بعضها هش لم يكن قادراً على العودة لحاله بعد الصدمة، الآخر صلب استطاع العودة لحياته بعدها، ونوع مختلف، يتخطى الصلابة ويستطيع تحويل هذا النوع من الكوارث إلى فائدة شخصية، كشركات البناء التي أوجدت حلولاً للسكان بعد هذه الأزمة.

يقدم بعدها الكتاب مجموعة من المقترحات لتتخطى الصلابة في حياتك وتستفيد من الأزمات، منها إيجاد الخيارات البديلة في الحياة وبالأخص في حياة العمل، والقيام بالمخاطرات الصغيرة في أكثر من مكان، مؤكداً على اهمية مفهوم عدم وضع البيض في سلة واحدة، والتخلص من الأشياء التي تجعل الانسان هشاً، ووضع أهداف سنوية للتخلص من العادات السيئة واحدة تلو الأخرى. سواء كانت هذه العادات صحية أو اجتماعية أو نفسية.

ينصح الكاتبان أيضاً لمن يرغب بالاستزادة عن هذا المفهوم، إضافة لما توسعا هما به، قراءة كتاب Antifragile للكاتب نسيم نيكولاس طالب.

الخاتمة: الإيكيغاي – فن العيش 

يلخص الكاتبان في هذا الفصل الكتاب ويقدمان النتيجة للقارئ، بداية بمجموعة من القصائد “الهايكو” للياباني ميتسو ايدا. لن أستطيع نقلها لهذا الملخص. ثم ينتقلان للحديث عن الإيكيغاي مرة أخيرة، اهميته في الحياة، ويختمان بقواعد الإيكيغاي العشر:

  1. ابق نشيطاً، لا تتقاعد
  2. تعامل مع الأمور ببطء
  3. لا تتخم معدتك
  4. أحط نفسك بالأصدقاء الجيدين
  5. اعتن بجسدك لعيد ميلادك القادم
  6. ابتسم
  7. اعد تواصلك مع الطبيعة
  8. اشكر
  9. عش اللحظة
  10. اتبع الإيكيغاي الخاص بك، هدفك في الحياة.
هادي الأحمد

هادي الأحمد

المقالات: 9

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *