هل العلم بقواعد اللغة يجعل نصوص الكاتب أكثر قيمة مقارنة بكاتبٍ علمه بالقواعد محدود؟
السؤال (من أرشيف كيوريس كات):
هل المعرفة الكاملة أو شبه الكاملة بقواعد اللغة العربية تجعل للكاتب فرصة حصولنا منه على كتابة قيمة اكبر من الشخص الذي معرفته بها محدودة أو متوسطة
يعتمد الأمر على تعريفك للقيمة، لكن إن اضطررنا لفصلها في جانبين، الأول هو “القدرة على تقديم الإفادة المباشرة” والثاني هو “القدرة على تقديم الإفادة غير المباشرة” فبرأيي الشخصي، الخبرة اللغويّة تؤثّر بالأمرين بمستويات مختلفة.
مثال على الإفادة المباشرة في هذه الحالة: عندما يصف الكاتب الأماكن والأشخاص، لا بهدف إيصال رسالةٍ مبطّنة، بل بهدف رسم صورةٍ ما في ذهن القارئ. كأن يقول أن فلانُ طويل، وأن الغرفة ضيّقة.
أما الإفادة غير المباشرة: فهي ما يريد الكاتب إيصاله من إحساس للقارئ، كأن يصف الغرفة بأنّها “تعتصر صدر ما يجلس فيها” بدلاً من وصفها بالضيق.
عند الحديث عن تقديم الإفادة المباشرة، كأن يصف الكاتب مثلاً المكان والأشخاص، فزيادة قدرة الكاتب اللغوية تؤثّر بشكل متناقص على قدرته في تقديم الإفادة. ربما يشرح الرسم البيانيّ التالي الفكرة بطريقة أوضح:
أي أنّه وفي حالة الإفادة المباشرة، الفرق بين الكاتب المبتدئ الجاهل بقواعد اللغة، وبين الكاتب المتوسط، شاسع جداً. بينما الفرق بين الكاتب المتوسط وبين المختصّ باللغة قد لا يكون شاسعاً ولا يؤثّر في كثير من الأحيان على تجربة القارئ.
أمّا في حالة الإفادة غير المباشرة، فالأمر مختلف، قدرة الكاتب اللغوية تؤثّر بشكل مباشر على قدرته في إيصال هذا النوع من الإفادات للقارئ، والقيمة تزداد باطّراد مع اتّساع خبرته.
بالطبع، لا يمكن اختزال قيمة القصّة في هذين الجانبين -أي الإفادة المباشرة وغير المباشرة- لأنّ كتابة القصص تتضمن العديد من المحاور الأخرى، كبناء الحبكة ونيّة الكاتب وغيرها، لكنّ قدرته اللغوية تساهم في صقل كلّ تلك الجوانب.
هذا لا يعني أيضاً أنّ كلّ روائيّ يعتمد على محررٍ أو مدققٍ لغويّ هو روائيّ غير قادر على تقديم القصص القيّمة، فالروايات ليست دائماً عملَ شخصٍ واحد، بل هي عادةً عمل فريقٍ لكلّ منهم دوره.