دليل المواطن الرقمي لتجنب العفن الروحي

يرتبط العالم الرقميّ اليوم بالعالم الواقعي ارتباطاً وثيقاً، وكشخصٍ يعمل ويمارس هواياته ويتواصل مع أصدقائه وعائلته وزملائه في العمل عبر الشبكة، ويمتلك “تواجداً” عليها إن صح التعبير، ليس من المنطقيّ أن أفصل بين “حياتي الواقعيّة” و”حياتي الرقميّة” فالعلاقة بينهما ليست علاقة عوالم متوازية، بل علاقة نسيج، يتلامس في نقاط، ويتباعد في نقاط أخرى.

مع الوقت، يصبح مفهوم “المواطن الرقميّ – Netizen” أو “المقيم الرقميّ” أو “المدمن الرقميّ” إن أردت حتّى، مفهوماً ينطبق على أغلبيّة الناس لا على العاملين عبر الشبكة فحسب. وأصبح الحديث عن جوانب الحياة الرقميّة، لا من ناحيتها التقنيّة، بل من ناحيتها الفكرية والنفسية والروحانيّة، أمراً لا بدّ منه.

خصوصاً أنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ خلقت سياقات جديدة لملامسة هذه النواحي، تختلف جذرياً عن تلك الموجودة على أرض الواقع، ووضعت بين يد كلّ مواطنٍ رقميّ أداةً تتيح له مشاركة أفكاره، سواء تلك القادمة من إرادته أو دونها، مع شعبٍ لا تحدّه الحدود الجغرافيّة، ولا تعيقه الحواجز الاجتماعيّة.

لسنوات طويلة، أردت مقاربة مواضيع مرتبطة بهذا المجال، وأردت -بشدّة- أن يكون هناك “خارطةٌ” يمكن لمواطنٍ رقميّ أن يعتمد عليها، ليكون قادراً على الأقل على تمييز ما يمرّ به من ظروف وأحوال ومشاعر وأفكار، وربما في أحسن الأحوال، أن يكون قادراً على فهمها والتعامل معها والخلوص إلى حلّ مرضٍ لها.

وهذا ما دفعني لبداية العمل على هذا الدليل؛ لأنّي أعلم أنّ الكثير من المواطنين الرقميين لا يمتلكون صديقاً حقّيقياً قادراً على إخراجهم من دوامات الشبكة ومنحدراتها، ولا يمتلكون الخبرة الكافية لانتشال أنفسهم ونفض العفن عن أرواحهم لحداثة عهدهم – أو حتى لجهلهم بعالمٍ تواجد وما زال يتواجد خارج حدود منصات السوشال ميديا ومستنقعاتها.

أدعو أن أوفّق بهذا.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *