سوريا حرّة – لله الحمد والشكر

أكتب هذه التدوينة في السادس من كانون الأول لعام 2024، قبل أن يُعلن عن تحرير حمص، وقبل توجّه الثوّار إلى الشام، وكلّي ثقةٌ بأنّ الله لن يخيّب عباده، وأنّه وحين نشر هذه التدوينة، ستكون سوريا بأكملها حرّةً خارج قيود الأسد، بعد كسر رقاب المخابرات والمخبرين.

أكتب لأوثّق فقط مشاعري اليوم، وأنا ومنذ تسع سنين خارج وطني، وأنا أنتظر بالثواني تحرير البلاد، لأتكلّم وللمرّة الأولى على الإنترنت دون قيد؛ دون قلقٍ على أهلي وأحبابي في دمشق ودون قلقٍ من سماع أخبار الاعتقالات والتهديدات والابتزاز.

أكتب للمرة الأولى وأنا أشعر بالنصر، بعد سنواتٍ من الشعور بالهزيمة، وبعد سنواتٍ من الانكسار.

أشعر اليوم بمعاني قوله تعالى: [حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)] وأنا أتقلّب بين الشكّ والقلق من المستقبل، وبين الفرحة بالنصر والبكاء مع كلّ أسيرٍ محرر، وأملٍ بكلّ لحظةٍ قادمة.

وأشعر بالفخر للمرّة الأولى منذ سنوات، لأنّ سوريا لن تعود مرتبطة بمفهوم اللجوء والتشرد والمخيمات والاعتقالات والمخابرات والقمع، بأنّ سوريا الأورويليّة الأسديّة انتهت، وأنّ لساننا وقلبنا كشعب سينطلقان للسماء.

لأننا لن نضطّر بعد اليوم لتبرير أنفسنا، وللدفاع عن موقفنا، وللحديث عن جراحنا، وللعجز أمام عوائق اللغة والثقافة أن نشرح لكل شخصٍ خارج حدودنا ما عشناه من قهر وظلم واضطهاد.

لأننا لن نكون المستضعفين بعد اليوم. لأننا انتصرنا دون ثأر، وعدنا دون انتقام، وعشنا لحظات السعادة للمرّة الأولى منذ سنوات.

سأزور سوريا بعد التحرير، وسأرى للمرّة الأولى منذ تسع سنوات والدي ووالدتي، وسأعانق أخوتي، وأرى أبناءهم – بعضهم لا يعرفني إلّا من الصور، وبعضهم لا يذكرني إلّا القليل.

سأعود قبل أن أتمّ السنوات العشر في الغربة. وهذا من فضل الله وكرمه ورحمته.

رحم الله ابن خالي، رحم الله خالي، رحم الله ابن عمّتي، رحم الله جيراننا، رحم الله أصدقائي في المدرسة، رحم الله أساتذتي في المدرسة، رحم الله رفاق المسجد، رحم الله شهداء مخيم اليرموك، رحم الله شهداء الحجر الأسود، رحم الله شهداء الدروع الحية، رحم الله الساروت، رحم الله أبو فرات، رحم الله حجي مارع، رحم الله المعتقلين، رحم الله شهداء الثمانينات، رحم الله كل شهداء الثورة وتقبّلهم جميعًا في جنّات النعيم.

عاشت سوريا الحرّة، الرحمة للشهداء، الراحة للمعتقلين، سقط الأسد بلا عودة.

7 تعليقات

  1. الله أكبر الله أكبر ألف ألف مبروك يا هادي ربنا يتمم النصر على الأمة كلها ويكتب لنا السعادة والنصر الدائمين اللهم آمين. النهارده عيد والله 🙂

  2. سعيد جدا… فرحتنا لا يسعها شيء…منذ أربع أيام لم ننم سوى هذا الصباح… من أسعد الأيام في هذه العشر سنوات الأخيرة…

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *