ما هي خارطة الطريق والمهارات اللازمة لأصبح استراتيجي محتوى؟
لنبدأ أولاً بالحديث عن استراتيجيّة المحتوى نفسها، ثم ننطلق من التعريف إلى ما يلزم على العامل في رسم هذه الاستراتيجيّات معرفته ودراسته وفهمه:
تعريف استراتيجيّة المحتوى:
هي الرؤية العامّة التي تضمن أنّ كل المحتوى المصنوع في سياقٍ عملٍ معيّن يصبّ في النهاية في خدمة هذا السياق بأفضل طريقة ممكنة وبأقلّ تشتيت ممكن.
على سبيل المثال، المحتوى الموجود في هذه المدوّنة يستهدف إظهار أفكار الكاتب واهتماماته بأدق وأفضل شكل ممكن، وتحويل القرّاء من “عابرين” في المدوّنة إلى متابعين لها ومهتمّين بها.
استراتيجيّة المحتوى هي طريقة تحديد مساحة التقاطع المثاليّة بين رغبات صاحب المحتوى ورغبات القارئ. ويتضمّن هذا اختيار الكاتب المناسب والمحتوى المناسب وطريقة الاستهداف المناسبة وطريقة العرض المناسبة لأهداف صاحب المحتوى.
أهمّ مهارات استراتيجيّ المحتوى:
بناء على التعريف السابق، يمكنك استنتاج بعض المهارات والصفات الأساسيّة التي على استراتيجيّ المحتوى التركيز عليها:
أولاً: الإطلاع على كل جوانب صناعة المحتوى
باختصار، لا يمكن لشخص لا يفقه أدوار الفريق اللازم لإنتاج نوعٍ ما من المحتوى والتقنيات المرتبطة بصناعة هذا المحتوى أن يكون قادراً على رسم استراتيجيّة محتوى جيّدة.
باختصار، على استراتيجيّ المحتوى أن يمتلك اطّلاعاً جيداً وخبرةً تجريبيّة وعمليّة لا بأس بها في سياقين:
صناعة المحتوى
بشكل عام، لا يحتاج استراتيجيّ المحتوى “خبرةً كبيرةً” في صناعة المحتوى برأيي، لكن ما يجب عليه امتلاكه هو اطّلاعٌ جيدٌ جداً على طريقة سير عملية صناعة المحتوى وأدوار العاملين فيها وهذا يشمل:
- الكتّاب.
- المصممين.
- محرري الفيديو.
- خبراء السوشال ميديا.
- خبراء السيو – SEO.
- المسوقين.
- المبرمجين.
- مدراء المنتجات – Product Managers.
- خبراء واجهات المستخدم – UI.
- تجربة المستخدم – UX.
- تجربة العميل – CX.
بشكل عام، معرفة أدوار هؤلاء ومكان تأثيرهم على صناعة المحتوى يعني قدرة استراتيجيّ المحتوى على تشكيل صورة أكثر تكاملاً وأكثر تركيزاً وتأثيراً على طريقة إنتاجه واستهدافه.
أجد في كثير من الأحيان أفضل استراتيجيّ المحتوى من يجمعون بين خبرة كبيرة في مجالين مما سبق، واطلاع جيد على بقيّة المجالات: كمن يعمل في كتابة المحتوى والتسويق، ومن ثم يطّلع على بقيّة أجزاء العمليّة ويدرسها نظرياً ويتعامل مع العاملين فيها.
الهدف من الإطلاع على مجالات العمل هذه وامتلاك تجربة فيها هو حصول استراتيجي المحتوى على رؤية واقعيّة لما يمكن لأعضاء فريقه القيام به، ومن ثم القدرة على توظيف أو توزيع المهام على الأشخاص المناسبين.
بالطبع، إدارة الفريق وتوظيفه قد لا تكون من مهام استراتيجيّ المحتوى في كثير من الأحيان، لكن تخيّل الأمر كقدرة المهندس المعماريّ على معرفة أنواع مواد البناء المتوفرة في السوق والخبرات الموجودة والآلات المستخدمة في التنفيذ، دون هذه المعرفة والإطلاع ستكون المشاريع والخطط عبارةً عن “خيالٍ علميّ” لا عن صورة قابلة للتنفيذ.
التخطيط للمحتوى
وهذا يشمل:
التهيئة لمحركات البحث
- الإطلاع على التهيئة لمحركات البحث – SEO Search Engine Optimization
- بشقّيها التقنيّ – Technical SEO والنصيّ – Content SEO.
- على الصفحة – On Page SEO أو خارجها – Off Page SEO.
- أبحاث الكلمات المفتاحيّة – Keyword Research وأساليب تنظيمها كاستخدام
- الصفحات المركزية – Corner Content
- صوامع المحتوى – Content Silos
- التصنيف والوسم
- الربط الداخلي – Interlinking
- بتنظيم الكلمات المفتاحية الطويلة – Long Tail والقصيرة – Short Tail Keywords.
تحديد الأهداف
- وضع الأهداف القابلة للقياس ومؤشرات التقييم المفتاحية – KPIs.
- رسم القمع التسويقي – Content Funnel وتحديد دور المحتوى في خطوات هذا القمع.
- تحديد هويّة العميل – Customer Persona وربطها بأهداف المحتوى.
التوزيع والنشر
- تحديد أماكن التوزيع والنشر الأمثل للأهداف المختارة.
- رسم خطط إعادة نشر وإعادة إنتاج للمحتوى على المدى الطويل.
- بناء رؤية فنيّة مستقرّة للمحتوى المنشور على المنصات المختلفة سواء عبر:
- دليل تنسيق المحتوى – Content Styling Guide.
- سياسة تحريرية – Editorial Policy.
- رؤية فنيّة – Creative Vision.
القياس والنقد
يتطلب هذا قدرة استراتيجي المحتوى دراسة تأثير استراتيجيّاته وتطويرها ومقارنة نتائجها مع كلّ تغيير ممكن، وهذا قد يلزم إجراء:
- دراسات حالة – Case Studies.
- اختبارات A/B.
- استبيانات واستطلاعات رأي – Surveys.
قد لا يتحتاج استراتيجيّ المحتوى إلى رسم الخطط بنفسه أو الإشراف على تنفيذها في كثير من الأحيان، لكن إطلاعه على كلّ جوانب التخطيط الممكنة يعني قدرته على فهم العملية وأسباب نجاحها وفشلها وقدرته على تقييم الاستراتيجيّة بدقّة أكبر.
الاستراتيجيّة والتوجه هما ما يساعدان مدير المحتوى على رسم خطّة محتوى قادرة على تنفيذ الأهداف.
تخيل الأمر كالتالي: استراتيجيّ المحتوى يقدّم لمدير المحتوى الأهداف والبيانات اللازمة لرسم الخطّة القادرة على الوصول إلى هذه الأهداف. بينما يقوم مدير المحتوى برسم هذه الخطة واستشارة الاستراتيجيّ بما يلائم المشروع فيها مما لا يلائمه.
ثانياً: الإطلاع على كلّ جوانب العمل
باختصار، على استراتيجيّ المحتوى معرفة المنتج أو هدف صناعة المحتوى بقدر معرفة مدير المنتج أو صاحب العمل. لو كان المحتوى يستهدف التسويق لشركة ما، فعلى استراتيجيّ المحتوى فهم هيكل هذه الشركة وطريقة عملها ومنتجاتها وأهمّ ما يميزها عن غيرها في السوق.
لنفترض أن المنتج هو خدمة برمجيّة – SaaS Software as a Service، هنا على استراتيجيّ المحتوى معرفة كلّ ميزات هذه الخدمة كمعرفة العاملين على برمجتها، وكمعرفة أكثر المستخدمين إدماناً واهتماماً بها.
كلّما كان استراتيجيّ المحتوى أكثر إطّلاعاً على العمل وتفاصيله، كلّما كان أكثر قدرة على رسم توجّه عام يساهم في تحقيق أكبر عائد من المحتوى المصنوع، سواء من الناحية المباشرة: أي من تسويق المحتوى للخدمات وتحقيق الأهداف الأساسية، أو من الناحية غير المباشرة: أي معرفة نقاط الضعف والقوة وما يحتاجه المستخدم.
في الحالة المثاليّة، كل ما يحتاجه استراتيجي المحتوى هو مدير منتج جيّد يجيبه على كلّ أسئلته.