كيف ممكن لكاتب أن يناقش قضية ناضجة بحيث تظهر بشكل مبسط ولكن في نفس الوقت دون سطحية؟

السؤال (من أرشيف كيوريس كات):

كيف ممكن لكاتب إنه يتطرق أو يناقش قضية ناضجة نوعا ما بحيث تظهر بشكل مبسط ولكن في نفس الوقت ما يعالجها بسطحية؟

حسناً، لنتفق أولاً على النقطة الأهم هنا: لا يوجد حلٌّ سحريٌّ لكتابة القصص المثاليّة، لو كان هذا الحلّ موجوداً لكان عمل الكتّاب أسهل بكثير. أفضل ما يمكنني -وما يمكن لأيّ أحد آخر- فعله هو مساعدتك عبر طرح العديد من الأسئلة التي يمكن أن تقودك بالاتجاه الصحيح للعثور على الحلّ المناسب لقصّتك.

ما هي أجواء القصّة التي ترغب بتقديمها للقارئ؟

مثلاً، عند تقديم قصّة رومانسيّة بين شخصين، يمكنك اعتماد أجواء أكثر استرخاءً وهدوءً، وتقديم علاقتهما عبر استعراض المواقف الهادئة التي أوصلتهما لنقطة الهدف، يمكنك أيضاً استغلال هذا الهدوء في العلاقة لتقديم مواقف حياتيّة ورسائل تستنفع من هذه الأجواء الهادئة، يمكنك أيضاً الاعتماد على وصف أماكن هادئة، باستخدام مصطلحات لطيفة لتعزيز هذا الجوّ العام للقصّة.

في المقابل، يمكنك تقديم قصّة رومانسية عن شخصين بأجواء أكثر دراميّة، عبر التركيز على المراحل المحوريّة التي كادت تنهار فيها العلاقة، وعبر التركيز على المشاكل والأيام الصعبة، واستخدام الأوصاف الأكثر جدّيّة وقتامة.

في الحالتين أنت تسرد قصّة رومانسية، لكن أجواء الأولى العامّة أكثر لطفاً وهدوءً من الثانية، وهذا ما سيشعر به، أو ما يجب أن يشعر به القارئ أثناء القراءة.

هل يمكنك التوفيق بين القضيّة والرسالة وأجواء القصّة؟

وهذا لا يعني بالضرورة التماثل، فيمكنك أن تكتب قصّة رومانسيّة لطيفة، وإيصال رسالة عن الاكتئاب. يمكنك أيضاً أن تكتب قصّة ذات أجواء قاتمة وتوصل رسالةً عن الحب والأمل. الأمر يعتمد في النهاية على طريقة التقديم وقدرتك ككاتب على التوفيق بين الهدف ومعطيات القصّة.

على سبيل المثال، تنجح لعبة نير اوتوماتا في تقديم قصّة إنسانيّة متفائلة بالمجمل، على الرغم من أنّ أجواءها بالعموم لا تعبّر عن هذا الأمل بوضوح، وتصل حتّى إلى الكآبة في كثير من أجزائها.

مثال آخر: قد يكون التماثل بين أجواء القصّة وقضيّتها أكثر نفعاً وقيمة للقارئ، كأن تربط قصّة طفلٍ يتعرّض للتعنيف من والديه مع قصّة حرب يخوضها بلده، فهنا أجواء الحرب القاتمة متوافقة مع قضيّة القصّة القاتمة، وقد ينفع رسم خطوط التناظر بين الحرب والعنف المنزليّ في إيصال أفكار القصّة بطريقة أفضل.

هل ترغب أصلاً بالفصل بين القضيّة والرسالة وأجواء القصّة وأحداثها؟

في كثير من الأحيان، قد يكون الحلّ الأفضل والآمن هو الاعتماد على سويّة واحدةٍ للكتابة فحسب.

على سبيل المثال: أن تعرض قصّة عن الحرب، تسرد فيها أحداث الحرب، توصل فيها رسالة عن سوء تأثير الحرب، وأن تقدّمها بأجواء مناسبة لصعوبة الحرب وتأثيرها السلبيّ على حياة الناس.

قد تكون هذه الطريقة “مملة” أحياناً، لكنّها أكثر أماناً ووضوحاً للقارئ، واتقانها بشكل غير ممل ويضرب التوازن المثاليّ بين البروبغاندا والوضوح صعب في كثير من الأحيان.

لمن تكتب؟

يختلف كلّ ما سبق ذكره باختلاف الجمهور المستهدف بالتأكيد، وهذا ما عليك النظر فيه قبل البداية بقصّ قصّتك، اطرح الأسئلة التالية على نفسك وحاول الإجابة عليها:

  • من هم الفئة المستهدفة فكرياً وعمرياً واجتماعياً واقتصاديّاً من هذه القصّة؟
  • ما هو مستوى الطرح المناسب لهذه الفئة؟ هل عليك اعتماد التبسيط أم التعقيد؟
  • هل يمكنك تقديم قيمةٍ للقارئ عبر هذه القصّة؟ سواء كانت هذه القيمة هي المتعة أم الفائدة.
  • هل حلّك للمشاكل المقدّمة في القصّة مقبول لدى هذه الفئة من القرّاء؟
  • هل طرحك للحلّ جديد أم مكرر؟

ما هو الطرح السطحي؟

الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة في الحقيقة، فالطرح السطحيّ ليس “متساوياً” عند كلّ الجماهير، ومعالجة الأفكار بسطحيّة تختلف من حالةٍ للأخرى ومن كاتب للآخر.

  • هل التسطيح في قصّتك هو تقديم الحلّ الطفوليّ للمشكلة؟
  • هل هو الاستهانة بالمشكلة وتقديم حلّ غير واقعيّ لها؟
  • هل هو الاقتصار على عرضها من زوايا معيّنة دون غيرها؟
  • هل هو استغلال مشكلة جدّية في عرض أفكار أقلّ جدّيّة؟

عليك تحديد مقصدك من السطحية، وما ترغب بتجنّبه، وادراك هذا الأمر تماماً قبل العمل على كتابة القصّة.

اطرح سؤالك