هل من الطبيعيّ أن أهتم برأي شخص على الإنترنت لدرجة شعوري بأن مخالفة رأيه خطأ؟
السؤال (من أرشيف كيوريس كات):
تهتم برأي شخص عالانترنت بشكل مبالغ فيه ؟ في شخص اهتم برأيه مرة اذا وافق معي افرح كثير واذا خالفني احس نفسي غلط حتى لو هو مجرد اختلاف، هو مو من ضمن “اصدقائي” بس متمني لو كان منهم فاعتقد هذا هو السبب ؟
— سؤال آخر:
كلامك جدا أثر فيني لان تكلمت عن حالتي تقريبا، للصراحة أنت الشخص يلي كنت دوما أنظرله بهالنظرة وأهتم برأيك بشكل وعهالمنوال لدرجة صرت فكر ان ممكن الموضوع زاد عن حده بأخذي لكل ما تقوله على محمل الجد، وأحاول تقليد كلشي تسويه على أمل اكون “مثلك” يوما ما لان اشوفك انسان مبدع صراحة، شكرا عالثريد صح مثل ما قلت ما حل المشكلة لكن عالقليلة أخذت فكرة عن الموضوع وكيف “ممكن” أتعامل معاه
أجبت على هذين السؤالين في ثريدات مطوّلة، وأرى في أرشفتهما فائدة جمّة، لأنّي أعتقد أنّ هذه المشكلة أكثر شيوعاً من هذه الحالة الفرديّة، وأكثر عموماً من مصادفة حصولها بيني وبين أخٍ متابع. فهي تحصل يومياً بين متابعين ومؤثّريهم المفضّلين، رغم استمرار تحفّظي على هذا المصطلح.
لأشرح القضيّة باختصار، ما يشير إليه الأخ المتابع في سؤاله هو ارتباط فكريّ بما أقدمه أنا، هذا الارتباط يجعله مترقباً دوماً لما سأقوله حول موضوعٍ ما، ليرى إن كان رأيه فيه مختلفاً عن رأيي أم متفقاً معه. هذا الارتباط قادم من إعجابه بما أقدمه من محتوى وما أعرضه عن نفسي على الشبكة العامة.
شخصياً، أحاول دائماً تجنب الظهور بصورةٍ مبالغة في المثاليّة على الشبكة، لتجنب هذا النوع من التفاعلات أحاديّة الطرف مع المستخدمين الآخرين، لكنّ ميلي في السنوات الأخيرة لتجنّب النقاشات العامّة الحادّة، إضافة للطريقة التي صُمّمت فيها هذه المنصات، يقود دائماً لظهور “الجانب الأفضل” من شخصيّتي للعلن.
عندما أقول أنّ وضعي في الحياة اليوميّة وتفاعلاتي مع الناس فيها قد تكون أسوأ بكثير وأكثر اضطراباً مما يظهر من الهدوء الطاغي على حساباتي في السوشال ميديا، لا أحاول عرض تواضع أو تواضع مزيّف، بل هو الواقع، لكنّ المظاهر تخدع على هذه المنصّات. وهذا ما قد يقود البعض للاعتقاد أنّ رأيي، أو طريقة حياتي بالمجمل، قد تحمل قيمة “صحيحة” أقوى من تلك التي يحملونها هم. وهذا لا ينطبق عليّ فحسب، بل على كلّ “مؤثّري” السوشال ميديا.
وعلى الرغم من اعتقادي أن الاقتداء بشخص ما ليس مشكلةً بالضرورة، إلا أن الارتباط أحاديّ الطرف بهذا الشكل ليس صحيّاً على الإطلاق.
العلاقة الصحيّة بين شخص يقدّم المحتوى وبين متابع لهذا المحتوى هي علاقة تشكيك وانتفاع متبادل، على المتابع أن يشكك دوماً بنوايا وصحّة كلام المقدّم، وأن ينتفع مما يمكنه الانتفاع منه، وعلى المقدّم أن يشكك دائماً بنوايا وحقيقة وجود المتابعين حوله، وأن ينتفع منهم دون استغلال لاختلاف التوازن في القوى بينه وبينهم.
عن نفسي، لم يحدث لي هذا قبل ذاك السؤال -أي أن يبني أحدٌ آراءه على كلامي ويأخذها بهذا القدر من الجديّة- ولا أظن أنّه قد حدث بعدها، وهذا جيّد. لكن لا يسعني سوى التأرجح بين فرحي بوجود شخصٍ يهتمّ بما أقدمه لتلك الدرجة، وبين قلقي من هذا النوع من العلاقات وتأثيره على الطرفين، ورغبتي بأن يكون من يتابع ما أصنعه على الشبكة قادراً على اختيار طريقه الخاص وآرائه الخاصّة دون اعتماد على أيّ طرف آخر.
سردت في ردّي القديم على السؤال قصّةً شخصيّة، وأجد شخصياً إبقاءها في تويتر قيمة أكبر من إعادة سردها هنا، لذا سأتركها لمن يرغب بمعرفة المزيد عن مصدر بعض الأفكار المحوريّة التي أمتلكها في هذا السياق.