هل يمكن للكاتب إدخال الكوارث الطبيعيّة في حبكة القصّة؟

السؤال:

هل الكارثة الطبيعية (زلزال , بركان , الخ…. ) في القصة تدخل في الحبكة ؟
شرح إضافي للسؤال (هل حدث لا علاقة له بالقصة و من الوارد حدوثه بشكل عرضي و من الممكن أن يكون له تأثير عليها يعتبر حبكة أم لا , فهل من حُسن الكتابة التخطيط له مسبقاً أم للكاتب السلطة أدخاله وقت ما شاء دون حساب.)

كبداية، لديّ بعض المشاكل في الطريقة التي طرح فيها السؤال، بدايةً من افتراض أنّ للكاتب “صلاحيّات محدودة” على ما يمكنه وما لا يمكنه كتابته ويحاسب على هذا الأساس، وانتهاء بموضوع أنّ عنصراً من القصّة المكتوبة “يدخل أو لا يدخل” في الحبكة. ولهذا يجب أن نعود أولاً لتعريف الحبكة، ثم لحساب الكاتب، ثم إعادة الصياغة للسؤال كي يكون قابلاً للإجابة.

بدايةً، الحبكة ليست أمراً يمكن “عدم إدخال” عنصرٍ من القصّة إليه، فهي -تعريفاً- المنطق الذي ترتبط فيه عناصر القصّة مع بعضها (كما يكرر الأرسينالي في سلسلته النقديّة؛ عبر الحتميّة والاحتمال) بمعنى أنّ الحبكة ليست وجود أو عدم وجود كارثة طبيعيّة، بل طريقة ارتباط وجود هذه الكارثة ببقيّة أحداث القصّة.

“حصلت كارثة طبيعيّة قادت بطل القصّة بعيداً عن قريته، وهذا دفعه لمغامرة جديدة في المدينة الكبيرة”

الحبكة هنا ليست في وجود الكارثة الطبيعية، ولا في انتقال البطل بعيداً عن قريته، ولا في مغامرته الجديدة، بل هي الطريقة التي ترتبط فيها هذه الأحداث ببعضها.

أمّا بالنسبة لمحاسبة الكاتب على ما يريد -وما لا يريد- إدخاله في قصّته، فأجد شخصيّاً في هذا الكثير من الإدّعاء والتمحور حول الذات، خصوصاً عندما يُفرض هذا “الحساب” بناء على شروط مسبقة تفترض ظروفاً خاصّة بها لا على السياق وظروف العمل، وأخصصّ هذا أكثر عند الحديث عن الكتابة الإبداعيّة، التي من المفترض أن يطلق فيها الكاتب العنان لخياله لا أن يخضع لمعايير لا تراعي سياقاته الخاصّة.

حساب الكاتب، إن كان المقصد منه في هذا السياق “انتقاد عمله” يكون على طريقة استخدام الأداة، لا على الأداة بذاتها. كما لا ينتقد الرسّام على نوع الفرشاة التي استخدمها طالما كانت تؤدّي الغرض منها، لا ينتقد الكاتب على أداة قصصيّة استخدمها طالما كانت تؤدّي الغرض منها. بهذه البساطة.

ولا يحاسب الكاتب -أيضاً بمعنى الانتقاد- قبل إنجازه للقصّة، ولا “يمنع” إن صح التعبير عن استخدامه لأداة قصصيّة ما قبل النظر لطريقة استخدامها ونتائجها على القصّة.

وهذا بالطبع لا يتعارض مع مفهوم وجود “طريقة مثلى لاستغلال أداةً قصصيّة ما” – فكتابة القصص ليست ممارسةً منفصلة عن الزمن وعلى الكاتب -برأيي- الاطّلاع على تجارب من قبله ودراستها لمعرفة ما ينفع وما لا ينفع منها في كلّ من سياقاتها الخاصّة ليتجنّب تكرار أخطاء من قبله.

الآن، وبناء على النقطتين السابقتين، يمكنني إعادة صياغة السؤال بطريقة أستطيع إجابتها على الشكل التالي:

هل من الجيّد التخطيط لما ستخضع له الأحداث من الحتميّة أو الاحتمال قبل البداية في القصّة، أم يمكن استخدامها أثناء الكتابة دون تخطيط مسبق؟ بمعنى، هل من حسن الكتابة التخطيط لما سيكون “عرضيّاً” من الأحداث كالكوارث الطبيعيّة وما سيكون حتميّاً قبل البدء لضمان ترابط هذه الأحداث؟

والإجابة ببساطة: نعم، أعتقد شخصياً أنّه من الأسهل ضمان ترابطٍ جيّد للأحداث عندما يصنع الكاتب مخططاً كاملاً لها من البداية وحتّى النهاية.

ولكن يجب القول إنّ هذا الخيار غير متوفّر في بعض الحالات؛ على سبيل المثال القصص المتسلسلة التي تنشر دورياً (أسبوعياً أو شهرياً)، وفيها يكون الكاتب مجبراً على “ارتجال” أحداثٍ مترابطة، ويكون التخطيط على المدى الطويل شبه مستحيل.

يجب القول أيضاً إنّ الكتابة الارتجاليّة للقصص ليست “أضعف” بالمطلق من الكتابة المخطط لها، فلكلّ منهما استخدامه وميّزاته، وقد تصبح الكتابة الارتجاليّة في كثير من الأحيان خياراً أنجع في القصص المتسلسلة مقارنة بالتخطيط الطويل – خصوصاً عند النظر للقصص الطويلة جداً.